من هم الطوارق

نسبهم : 

 

ينتسب الطوارق   إلى صنهاجة. وصنهاجة من البربر ( الأمازيغ )، ويقول الأستاذ محمد أحمد شفيع وهو من طوارق النيجر : (( ينسب شعب الطوارق نفسه إلى تمازيغت كما يسمى في الشمال الأفريقي )) . ويتابع أيضا ((  وأيضا بالنسبة للأصول فأنا أدركت كثير من أجدادي وسألتهم عن أصل الطوارق في رأيهم فقالوا لي بأنهم أدركوا كتب أجدادهم التي تقول بأن الطوارق من صنهاجة وهي كلمة معروفة عندهم،  بالنسبة لصنهاجة فإن التواريخ القديمة تؤكد نفس الشيء )) . 
وقد قسم النسابة الأمازيغ إلى قسمين، هما : البرانس، والبتر .

1- البرانس : هم أبناء برنس بن بر .
2- البتر :  هم أبناء مادغيس بن بر الملقب بالأبتر .
وتنتسب صنهاجة - التي ينتسب إليها الطوارق - إلى الأمازيغ البرانس .

 

دينهم :



 الطوارق مسلمون سنيون ولقد كان للطوارق دور في نشر الإسلام لا يجهل سواء عندما انطلقوا ضمن جيوش موسى بن نصير ،وطارق بن زياد لفتح الأندلس، أو عندما أسسوا دولة المرابطين (الملثمين ) في المغرب والأندلس أو عندما اندفعوا ينشرون الإسلام في أفريقيا في دولة المرابطين الجنوبية .


لغتهم :



يقول الباحث الطارقي الحجي آمي : (( الشعب الطارقي شعب مسلم من أصل سامي احتفظ بهويته الحضارية الأصلية و تماشق لغته الوطنية وحروف هذه اللغة تسمى (التفيناغ) تجعل منه أحد الشعوب الإفريقية النادرة التي تمتلك أبجدية نظيفة يرجع وجودها إلى ثلاثة آلاف سنة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام تقريبا . كما تشهد على ذلك الكتابات والنقوش التي تمثل الصحراء وأفريقيا الشمالية ..)) .


أبجدية الطوارق(تيفيناغ)

 و إذا نظرنا إلى لغة الطوارق  " تماشق " بصرف النظر عن اللغة البربرية العامة ,  لوجداها تكون لغة لوحدها , ما هي مقومات اللغة ؟ هي أن يوجد شعب يتحدث بها , وهذها موجود فيها , أن تكون معبرة عن كل حياة هذا الشعب وهذا موجود أيضا , أن تكون لها قواعد نحوية , ومميزات وهذا كله موجود فيها , فلماذا نسميها لهجة هي لغة بأتم معنى الكلمة وهي فرع من هذه اللغة الأمازيغية القديمة , كما نجد في اللغة العربية نفسها كما درسنا في التاريخ العربي هي لغة واحدة لكن نجد في كتب الحديث , والقرآن الكريم يقول لك بأن هذه الكلمة بلغة تميم , وهذه بلغة قريش إلخ ... أي أن في اللغة الواحدة  فروع ولا يمنع أن تشكل هذه الفروع لغة كاملة , فالطارقية لغة بأتم المعنى.

الموطن :

 

ينتشر الطوارق في الصحراء الكبرى في عدد من الدول هي : مالي -الجزائر – ليبيا – النيجر – بوركينا فاسو وأماكن انتشارهم في هذه الدول كالآتي في شمال مالي أو ما سيكون " أزواد " قريبا بإذن الله وفي جنوب شرقي الجزائر وجنوب غربي ليبيا وشمال النيجر وشمال بوركينا فاسو . وجميع مناطق الطوارق متصلة بعضها ببعض .  

 

ويقول الأستاذ محمد أحمد شفيع )) والذي نعرف أن كل مناطق الصحراء أو جنوب الصحراء في المنطقة التي يسميها المؤرخون  المعاصرون منطقة الساحل الأفريقي هذه المنطقة يسكنها الطوارق منذ قرون لا يعرف أولها إلا الله كما قال العلامة ابن خلدون رحمه الله، والمنطقة التي توجد جنوب الصحراء يسميها الطوارق بأسماء متقاربة ففي النيجر تسمى " أزواغ " وبنفس الاسم يسميها طوارق مالي " أزواد " وكلمة أزواد هذه وردت في التواريخ القديمة , ويقصد الطوارق بكلمة "  أزواغ " السهول لأن أزواغ في لغتهم هو السهل، ولأن المنطقة منطقة سهول وهي الممتدة من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي , والمنطقة التي يسكنها الطوارق يطلق عليها أزواغ أو أزواد والغرض واحد ،والذي أريد قوله هو أن الطوارق في هذه المناطق ليس كما يقول بعض المؤرخين المحدثين الذين يريدون أن يقلبوا تاريخ المنطقة، ليسوا أناس غريبين عن هذه المنطقة فهم في هذه المنطقة منذ عصور قديمة ومن يرجع إلى تاريخ ابن خلدون وغيره من المؤرخين يجد أنهم تحدثوا عن الطوارق في هذه المنطقة أي الصحراء وجنوب الصحراء  الساحل، فليسوا دخلاء كما يقول بعض المؤرخين الذين يقولون بأنهم أتوا إلى هذه المنطقة في القرن الثامن عشر أو السابع عشر الميلاديين أو الخامس عشر، فالطوارق قديمين في هذه المنطقة وهي وطنهم منذ القدم((  .

 

 

الثورات والاستقلالات الحديثة : 

 

 

لم يكن للطوارق كيان سياسي حديث , ومن الجدير ذكره هو أن الجنرال ديجول كان يسعى لإعطاء الصحراء الكبرى استقلالها بعيدا عن البلدان المجاورة ويكون ذلك الاستقلال تحت الحماية الفرنسية . ويسمى باسم ( جمهورية الصحراء ) أو (جمهورية الطوارق) ودعا لهذه الغاية وفدا من طوارق و عرب مالي والنيجر إلى باريس لحضور احتفالات 14 يوليو الفرنسية عام 1958 م .

 وبعد أن جعلوهم يزرون المصانع الحربية ومصانع السيارات طلب الفرنسيون من الطوارق والعرب ( الوفد الصحراوي ) أن يعلنوا عن رغبتهم في الاستقلال المنفرد تحت الحماية الفرنسية , وإن فرنسا تستطيع أن توفر لهم كل ما يحتاجون إليه , وما عليهم إلا أن يعلنوا فقط , ولكنهم رفضوا وعادوا قبل انتهاء مدة الزيارة .

 

  ومن ثم أعلن الجنرال ديجول قراره الشهير بالاستفتاء في منطقة النفوذ الفرنسي بنعم أو لا  وذك بعد زيارته لمناطق غرب أفريقيا . وقد رأى أن شعوب العالم لم تعد تتقبل الاستعمار العسكري المباشر ولكن عليه التفكير في نوع جديد من الاستعمار وطريقة أخرى غير هذه .

 

وأعد البطاقات لهذا الاستفتاء . وصوت الطوارق والعرب لصالح الاستقلال على أن يتفاهموا مع إخوانهم الأفارقة بعد الاستقلال على الطريقة التي سيحكمون بها , والمهم في هذه الفترة هو خروج المستعمر الكافر .

 

  ولكن وتقدرون وتضحك الأقدار فالمدة التي بقيتها فرنسا في المنطقة , رفض فيها الطوارق والعرب تدريس أبنائهم في المدارس الفرنسية وخططها التثقيفية خوفا على أبنائهم من التأثر بالثقافة الفرنسية الغربية ومن التنصير , ولكن الأفارقة السود تقبلوا هذه الخطط التثقيفية وأصبحوا هم من يتبوأ المراكز المهمة في السلطة الجديدة نظرا لتفوقهم الثقافي , ونظرا أيضا لثقة الفرنسيين فيهم فالفرنسيون هم من تولى حشو عقولهم وتنشئتها أي السيطرة عليها .

 

 وبالتالي عندما انسحبت فرنسا تركت الادارة ومسؤولياتها جميعا في يد الزنوج . وبقي الطوارق والعرب بعيدا في صحرائهم , يضطهدون من جديد على أيدي حكامهم الجدد الذين يعتبرونهم دخلاء على المنطقة وأنهم لا فرق بينهم وبين المستعمرين البيض نظرا لبداية تغلغل القومية الزنجية التي بدأ مثقفوها الزنوج المتعلمون في فرنسا يدعون إليها وعلى رأسهم الرئيس السنغالي الأسبق ( سينغور ) الذي قال في احدى خطبه أنا موظف فرنسي في رئاسة الجمهورية السنغالية .

  

وهكذا وجد الطوارق والعرب أنفسهم يخرجون من استعمار إلى استعمار , ومن اضطهاد إلى اضطهاد لا فرق فيه بين الفرنسي الأبيض المسيحي , والأفريقي الأسود المسلم والإسلام بريء من أفعاله فهو مسلم اسما فقط , وكلاهما يشرد هذا الشعب وكلاهما يمقته وكلاهما ينظر إليه نظرة معاداة . ولهذا وجب على الطوارق والعرب اتخاذ طريق آخر في تعاملهم مع الحكومات الزنجية الجديدة .

 

فقاموا بثورات عديدة منها ثورة كيدال 1963 م , وثورة عام 1991م في مالي , وثورة عام 2006م كذلك قي مالي وثورة 2007م في النيجر وثورات أخرى , ولكنها كانت جميعا تنتهي بوساطات دولية فتعد هذه الدول الزنجية بوعود ومن ثم تخلفها .

 

  وفي عام 2012 قامت الثورة الأزوادية بعد عودة مقاتلي الطوارق من ليبيا مدججين بالعتاد والسلاح بعد مقتل العقيد الليبي معمر القذافي وتمكنوا في أشهر معدودة من طرد الجيش المالي من أزواد ( شمال مالي ) وأعلنوا استقلال جمهورية أزواد في 6 من أبريل 2012 ولكن لم يحصل الاعتراف الدولي بها , ومن ثم قامت فرنسا بتدخل عسكري بحجة وجود جماعات إرهابية ولا تزال موجودة على الأرض , وعلى أمل أن تتحقق أحلام ها الشعب في الحرية والاستقلال .  

 


   



سبب تسميتهم بالطوارق :

اختلف المؤرخون في تسمية الطوارق بهذا الاسم ولما غاب عنهم مصدر التسمية بدأوا يتكهنون .

فمن قائل أن سبب تسميتهم بالطوارق نسبة إلى طروقهم الصحراء وتوغلهم فيها ومن قائل أن سبب التسمية هو انتسابهم إلى طارق بن زياد إلى غير ذلك من التكهنات والإقتراب بالتفسير من مصدر الاسم ومشتقاته أما الأستاذ محمد عبدالرحمن عبداللطيف فيقول في تسميتهم بهذا الاسم :

((..وكان الطوارق يعرفون من بين هذه القبائل في العصور الوسطى باسم (اسجّلمَاسَن ) ولما انتشر الإسلام واللغة العربية ترجمت هذه الكلمة بمقابلها باللغة العربية ( الملثمون ) فأصبحت مصطلحا يطلق القبائل التي تسكن الصحراء الكبرى وذلك للزومهم عادة التلثم ووضع العمائم على رؤوسهم..)) 
 

وفي العصور الحديثة ظهر اسم الطوارق وسميت به القبائل التي تسكن منطقة (أزواغ) بجوار ممالك السونغاي والهوسا .

وقد ذكره كتاب التاريخ باللغة العربية في غرب افريقيا على هذا الشكل التوارك أو التوارق ولا يعرف أصل لهذه الكلمة ولا كيف بدأ استعمالها لتكون اسما يطلق على الملثمين من سكان الصحراء الكبرى .

ويحتمل أن تكون هذه الكلمة قد اشتقت من اسم منطقة واحات فزان الغنية بالمياه التي تسكنها فيها قبائل الملثمين واسمها (تارجا)، والنسبة إليها تارقي أو تارجي أو طارقي  وجمعها توارق أو طوارق فأخذت هذه الكلمة من الكتابات الأوربية التي نقلتها من المراجع العربية في غرب افريقيا فكتبت باللغة العربية على شكلها الحالي الطوارق بإبدال التاء طاء. 

ويقول الأستاذ محمد أحمد الشفيع  في عنوان فرعي في بحثه عن الطوارق كيف يسمي هذا الشعب نفسه؟ ((إن هذا الشعب يطلق على نفسه (كلتماجق) كما ينطقه الطوارق في النيجر أو (كلتماشق) كما ينطقونه في مالي أو (كلتماهق) كما ينطقونه في ليبيا والجزائر فالإختلاف هو نطق الحرف قبل الأخير من هذه الكلمة .

وإذا ما حللنا هذه الكلمة نجدها تتكون من جزئين كل : أي أهل , أصحاب , تماجق : ومعناه اللغة الطارقية وهذا يعني أن الطوارق يعرفون أنفسهم بأنهم أهل أو أصحاب اللغة الطارقية.

 

الثقافة :


تتكون ملامح الثقافة الطارقية من الشعر الذي يؤلفونه وهم يسمونه (تيسيواي)، والفن القصصي  (تينفوسين) الذي يتميزون به، والفن الغنائي (أساهغ) .


عادات طارقية "اللثام " :

عرف الطوارق بالملثمين بالسبب اللثام الذي يلفونه على رؤوسهم ووجوههم، بحيث لا تظهر سوى العينين والأنف، وسبب هذه العادة هو لتغطية الفم؛ من أجل كبح عضلة اللسان، وهو ما تؤكده مقولة الطوارق: ((آوال داغ أماوال))، وتعني ((الكلام تحت اللثام)).


الطوارق والمستعمر الفرنسي : 

لوحة مرسومة تبين مفاوضات الطوارق مع المستعمر الفرنسي

للطوارق تاريخ حافل ومشرف في مواجهة الاستعمار الفرنسي , ففي معركة تيكابراتير في 28 من رجب عام 1893م ضد أوب الضابط الفرنسي حيث تمكن الطوارق من القضاء على كتيبته المسلحة تسليحا جيدا عصريا بالسيوف والرماح .


 كما تمكن قائد قوات تين جَريجيف محمد أغ أواب في تين بيلا صبيحة السبت  15 من يناير فاتح 1894م من إلحاق الهزيمة بكوماندا جوفر , ولم يستطع كوماندا جوفر التحرك حتى أسند ظهره إلى بعض الخونة من الطوارق , مثل : سيدي زي , وهو الذي فتح الطريق أمام كوماندا جوفر في المعركة مع طوارق إمضْريرِتِن على مشارف ياكوتي آخر ذلك الشهر .

ثم إلى تضحية تين جريجيرف في معركة إين أوَرْوَر في 23 من مارس 1894 م , وبعد استيلاء كوماندا جوفر على مقاطعة قوندام لم يمارس أسلوب الحكمة بل فعل جيشه من اسوق المواشي وحرق المكاتب العلمية ما لا يعد و لا يحصى . 


والعنف لا يوقف همم الأحرار فكان أمام الاحتلال الفرنسي للشعب الطارقي عقبات كثيرة من معارك خلال عشر سنوات , ومن أمهات هذه المعارك بعد معركة إين أوَرْوَر : معركتا كيوي و أجر بين المستعمر و كل الحرمة , ومعركة تاتهاست , ومعركة مزقرمة  , ومعركة أغ إينَمارا وغيرها .


ودامت المعارك الطاحنة ضد الاستعمار بقيادة فيهرون أغ الأنصار إلى معركة أظَرْبوك عام 1903 م حيث  تغلبت فرنسا بأسلحتها الأوتوماتيكية الجديدة على الطوارق بسيوفهم ورماحهم وذلك بمساندة الخونة من زعماء الإقليم  , ولكن مقاومة الطوارق لم تهدأ ولم تنم وكبدهم فيهرون أغ الأنصار خسائر من هنا وهناك إلى أن توفي عام 1916 م , ونهج ألا أغ البشير منهجه في مقاومة الاستعمار وآخرون غيره .
 


 ولما بلغت فرنسا هدفها في أفريقيا من تنصير شعوبها ونهب ثرواتها لتنمية باريس , أنهت استعمارها للطوارق , وشدتهم لاستعمار جديد ألا وهو الاستعمار الزنجي في 22 سبتمبر عام 1960 م  , وقد رفض الطوارق هذا الاستعمار كما رفضوا الأول من خلال قيامهم بثورات عديدة في أعوام 1963م , و 1991 م , و2006 م, و2007 م, و 2012 م مطالبين باستقلالهم . 



ثرواتهم :

 


توجد في مناطق الطوارق ثروات هائلة , فحقل الشرارة الذي ينتج  330 ألف برميل من النفط في اليوم بجنوب ليبيا , وكذلك حقل عين أميناس في الجزائر الذي ينتج  نحو تسعة مليارات متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي , وتأتي مناجم اليورانيوم في النيجر في المرتبة الخامسة عالميا من حيث الاحتياطيات التي تقدر بما يزيد على 421,000 طن أي ما نسبته 8% من الاحتياطي العالمي , وقد ذكرت هذه الحقول للدلالة لا للحصر .

ومع هذه الثروات فإن وضع الطوارق يرثى له لما تمارسه هذه الحكومات من تهميش مستقصد ومتعمد ضد أبناء هذا الشعب .



_____________________________________________________



المراجع :  

                                  







                                                        



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق